“توسياد”.. التاريخ الأسود لأبرز جمعية اقتصادية في تركيا

تركيا 24 / إسطنبول

أثارت جمعية “توسياد” الجدل في تركيا وخارجها، خلال الأيام الأخيرة، جراء الجدل الحاصل بشأن “الاقتصاد الجديد” الذي أعلن عنه الرئيس رجب طيب أردوغان.

ودخلت “توسياد” في قلب زوبعة أعادتها للأضواء مجددا بعد ردها على أردوغان وسياساته الاقتصادية.

الإشكال أن توسياد ردت على الرئيس التركي بعد مطالبة زعيم حزب “الشعب الجمهوري”، كمال كلتشدار أوغلو لها بذلك.

وهاجمت توسياد الحكومة، بتعبيرات حادة حول “سيادة القانون، واستقلال القضاء، والفصل بين السلطات، والديمقراطية والسياسة الخارجية”، وجميعها أمور هي ليست مسؤولة عنها من الناحية التنظيمية.

وفي 18 ديسمبر/كانون الأول 2021، انتقدت “توسياد” التوجه الاقتصادي الجديد واعتبرت أنه لن يسفر عن نتائجه المرجوة، ويحمل في طياته مخاطر بزيادة الفقر في البلاد على خلفية أجواء عدم الاستقرار وانعدام الثقة، فضلا عن أزمات كبرى أخرى على المدى البعيد.

وقالت في بيان عبر “تويتر”، إنها حذرت الحكومة من “الآثار السلبية لسياسة أسعار الفائدة المنخفضة”، مضيفة أن المشكلات الاقتصادية “تُلحق الضرر بالشركات والمواطنين على السواء”.

ودعت توسياد الحكومة إلى التخلي عن سياستها النقدية القائمة على أسعار الفائدة المنخفضة، والعودة إلى “قواعد علم الاقتصاد”، على حد قولها.

ويقوم النموذج الاقتصادي التركي الجديد، على أسس خفض الفائدة، وزيادة الإنتاج والصادرات، وتقليص عجز الحساب الجاري، وجذب الاستثمارات المباشرة مقابل الأموال الساخنة، وضمان انعكاس مستوى الرفاهية على المجتمع بأسره، وليس أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة فقط.

لكن لم تمر سوى ساعات قليلة، وخرج أردوغان في خطاب شديد اللهجة ضد توسياد قال فيه: “لا تبحثوا عن طرق مختلفة لمهاجمة الحكومة، فأنتم لا تمتلكون القوة لمجابهتنا، أنا أعرفكم جيدا وأعرف أن همكم شيء آخر”.

وفي كلمته خلال فعالية بإسطنبول، أضاف: “نحن نمضي في طريقنا بحب وطننا وشعبنا، أما أنتم فتركزون كل جهودكم من أجل إسقاط هذه الحكومة، وتصعيد إدارة جديدة أخرى ترغبونها وبمقدرتكم استغلالها”.

وخاطب أردوغان توسياد بالقول: “الشعب لن يمنحكم هذه الفرصة”.

كما دعا توسياد إلى “تجنب المعارك السياسية والتركيز على الأعمال الاقتصادية”، قائلا: أنتم لديكم وظيفة واحدة، وهي الاستثمار والإنتاج والتوظيف والنمو”.

وأضاف: “بالتأكيد ندرك التقلبات في سعر الصرف، وعدم الاستقرار في الأسعار، وما يترتب عن ذلك من غموض يؤثر على حياة الناس اليومية، لكننا سنقاوم كل ذلك تماما كما قاومنا الوصاية والتنظيمات الإرهابية والانقلابيين وأباطرة النفوذ العالمي”.

وأردف: “أود أن أؤكد مرة أخرى أنه لا ينبغي إيلاء أي أهمية لأولئك الذين يريدون جر شعبنا إلى التشاؤم، وترهيب الأسواق، من خلال نشر أخبار كاذبة ومضللة”.

وذكّرت تصريحات توسياد الأخيرة بدورها مطلع سبعينيات القرن العشرين في الضغط على الحكومات المنتخبة وفرض توجهاتها ورغباتها عليها، سواء بالطلب المباشر أو بتقليب الرأي العام عليها عبر وسائل الإعلام.

وتأسست “توسياد” عام 1971، كمنظمة تجارية تطوعية من قبل أبرز رواد الأعمال في تركيا.

وتهدف من خلال أعمالها إلى المساهمة في تشكيل نظام اجتماعي يتبنى مفاهيم اقتصاد السوق التنافسي، والتنمية المستدامة، والديمقراطية التشاركية.

ويقع المقر الرئيسي لتوسياد في إسطنبول، ولديها مكتب تمثيلي في العاصمة أنقرة، وممثلون دوليون في واشنطن، وبروكسل، وبرلين، ولندن، وباريس، كما تمتد شبكتها إلى الصين والخليج.

وينضوي تحت سقفها، 318 ألفا و889 جمعية محلية.

والجمعية، عضو في اتحاد قطاع الأعمال الأوروبي (بيزنس يوروب)، وهو منظمة شاملة تُعتبر ممثلا للقطاع الخاص الأوروبي، منذ عام 1987.

وحسب تقارير إعلامية محلية، فهذا التكتل “شديد العلمانية” أُسس من قبل 12 رجلا من أغنى الأغنياء في تركيا، عقب أسبوعين فقط من انقلاب 12 مارس/آذار 1971، على حكومة رئيس الوزراء الأسبق سليمان دميرال.

ولفتت إلى أن توسياد “تواصل منذ نحو نصف قرن مواقفها المعادية ضد الحكومات المنتخبة، وتحاول إزاحة أي إدارة لا تنفذ رغباتها وطلباتها”.

ولعبت توسياد دورا بارزا في إزاحة حكومة رئيس الوزراء بولنت أجاويد عام 1979، بتخصيصها مبالغ طائلة لإطلاق حملة إعلانية عدائية في صحف “حرييت، وملييت، وترجمان، وغون أيدن”، بعد الحصول على الضوء الأخضر من الجيش.

وكان أجاويد يرفض مطالب توسياد في الحصول على قروض والانصياع إلى صندوق النقد الدولي، وما يُروج لها على أنها “قيم النظام الاقتصادي الليبرالي”.

كما اتخذت توسياد، وفق الموقع، موقفا مضادا لحكومة حزبي “الرفاه” بزعامة نجم الدين أربكان (الرئيس) و”الطريق القويم” بزعامة تانسو تشيلر (نائب الرئيس)، ودعمت انقلاب 28 فبراير/شباط 1997، ضد هذه الحكومة فيما عُرف بـ”انقلاب ما بعد الحداثة”.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك (الكوكيز). بمواصلة تصفحك للموقع سنفترض أنك موافق سياسة الخصوصية الخاصة بالموقع. موافق قراءة المزيد